"مصائب قوم عند قوم فوائد"، فمياه السيول والأمطار التي أصابت مناطق الوسط الموريتاني الأيام الأخيرة ليست كلها كارثة، فللمأساة وجه إيجابي، على الأقل لعشرات الشباب العاطلين، أو أصحاب الدخول المحدودة في القرى النائية والمعزولة.
محمد يسلم الحسن إشريف وعشرات الشباب ابتكروا طريقة للاستفادة والكسب السريع من الكارثة التي قضت على الكثير من ممتلكاتهم، وشردت عشرات الأسر من أهالي قراهم هي مساعدة السيارات التي تقطعت بها السبل للعبور إلى بر الأمان.
في اليوم الأول للسيول بقيت السيارات الصغيرة كما الشاحنات الكبيرة عالقة بسبب المياه التي تجمعت في المنخفضات وفي المناطق الرخوة من طريق الأمل، لكن شبابا شكلوا خلية لجرجرتها وإخراجها من الأوحال دون أن تتضرر محركاتها، أو تفسد حمولتها، مقابل رسوم وإتاوات يتفق عليها.
25 دولارا
ولأن الرسوم والإتاوات مغرية وتصل أحيانا إلى 7000 أوقية (25 دولارا تقريبا) عن السيارة الصغيرة، ظل انخراط الشباب في العملية يزداد.
تكلفة إخراج السيارة تصل إلى 25 دولارا أحيانا (الجزيرة نت)
يقول محمد يسلم أحد المشرفين على العملية إن السبب حاجة سكان القرى إلى ما يسدون به الرمق، ويعوضون به خسائرهم في غياب مساعدات الدولة وجهود الإنقاذ، وأيضا لبساطة عملية لا تتطلب سوى قدرة عضلية حيث تجر السيارة بأحبال، ويقوم شباب آخرون بدفعها من الخلف، مع إغلاق تام للمدخنة الخلفية حتى لا تتسرب المياه إلى المحرك.
فرصة نادرة
ورغم أن أغلب الشباب المنخرطين في العملية واجه ذووهم وعائلاتهم ظروفا صعبة جراء السيول، فإنهم يعدون الفيضانات بحق فرصة لا تعوض وسانحة، يتمنون مع ذلك ألا تتكرر، فما "كل بيضاء شحمة" "وما كل مرة تسلم الجرة".
كما أن العائدات المادية -كما يقول أحدهم- لن تصل أو حتى تقارب مستوى الضرر الذي لحق بكثيرين، فبيته الذي تهدم والذي بنته أسرته بعرق الآباء وكد الأبناء لسنوات طويلة، لن تستطيع هذه الفرصة مهما عظمت مكاسبها واتسعت فوائدها أن تعوضه عنه، أو تمنحه حتى ما يعيد به ترميمه.
ولم تقتصر الاستفادة من سيول لعْصابة على هؤلاء الشباب، فقد انتعشت مطاعم وأسواق تلك القرى الأيام الماضية بحكم وجود مئات السيارات التي حاصرتها المياه.
ويؤكد عدد من تجار لعْصابة أن أغلب البضائع الاستهلاكية توشك على النفاد من أسواق المحافظة.