خير ما في القلوب
أقولُ ماذا يا ضُحَى يا غُرُوب؟ في القلبِ شَوْقٌ غيرُ ما في القُلُوب
في القلب غيرُ البُغْضِ، غيرُ الهوى فكيف أحكِي يا ضجيجَ الـدروب
ويـا ثيابـاً ماشيـاتٍ علـى مَشَاجِبٍ تَفتَـرُّ فيهـا النُّـدوب
ويا رصيفاً يحفرُ الصبرُ في لَوْحَيْهِ تواريـخَ الأسـى والشُّحـوب
ويا قُصُـوراً يرتديهـا الخَنَـى وترتدي وجـهَ النبـيِّ الكـذوب
ويا جُذوعـاً لا يُنـادي بـها إلاّ ثُقُـوبٌ طَالبـاتٍ ثُقُـوب
يا باعـةَ التجميلِ هذي الحُلَـى تَهْدِي إلى ما تحتِها من عُيـوب
* * * ***
أقـولُ ماذا يا نَسِيـمَ الصَّبَـا أقـولُ مـاذا يا ريـاحَ الجَنـوب
الحرفُ يَحسو قَيئَـهُ في فَمِـي والصمتُ أقسى من حسابِ الذُّنوب
وهذه الأحـلامُ تُغْـوِي كما تُـراوغُ الأعمـى عجـوزٌ لَعُـوب
فعَلِّمِيني الحَـرْقَ يـا كَهْرُبَـا أو عَلِّمِينـي يا ريـاحَ الهُبـوب
أو مُـدَّ لي يا بَـرْقُ أفقاً سوى هـذا وبحـراً غيـر ذاك الغَضُـوب
أو حاولي يا سُحْـبُ أن تُطفئي قلبـي عَسَى عَنْ قلبِـهِ أنْ يَتُـوب
* * * ***
من أغسقَ الأيامَ يا ريـحُ هل تدري الثريا أيَّ مَسْرَىً تَجُـوب
كُـلُّ الـمَدَى أيْـدٍ ذُبابيـةٌ صفائـحٌ مَكْسُـوَّةٌ بالقُطُـوب
حوائـطٌ تَغـدو وتَسري كما تأتي على ريحِ الجفـافِ السُّهوب
وقُـبُّراتٌ حُـوَّمٌ تَجتبـي سنابـلاً يَحْوِيـنَ غيـرَ الحُبـوب
يا كُـلَّ مِنْقارٍ تَنَاسى الطَّوى لا تُزْعجِ القَحْطَ الأَكُولَ الشَّروب
* * * ***
أقول ماذا علّ قلبَ الثرى أظمى إلى غيـرِ السحـابِ السَّكـوب
هل في الربى يا شمسُ غيرُ الربى هـل للكُـوَى معنىً خَبِيءُ الجيوب
والسفحُ هل فيـهِ سواهُ وهـل في الورد غير اللون غير الطيـوب
والشمسُ هل في طَـيِّها غيرُها سترحلُ الأولى وأخـرى تَـؤوب
يا شمسُ هل يدري الدُّجى والضُّحَى مَنْ علَّـمَ المنشـودَ فَـنَّ الهروب
كـلٌّ لـهُ مأساتُـهُ لا أرى فَرْقَـاً ولكـنَّ المآسـي ضُـرُوب
هل يَسْمعِ الإسفلتُ أوجاعَـهُ أو هل يَرَى سِـرَّ الزحامِ الدؤوب
وهل يحس المُرْسِدِيس الذي يُزْجِي لأَضْنَـى اللحم أقـوى النيـوب
هل للموانـي أمنيـاتٌ تَـرَى تلك الوجوه الباديـات اللغـوب
هل تنطوي الشطآن تسعى إلى مراكبِ العانين وقـتَ الركـوب
لكـلِّ طَـافٍ بَاطِنٌ رَاسِـبٌ سيرسب الطافي ويطفو الرسـوب
* * * ***
يا كُـلَّ آتٍ ما أَتَـى مَـرّةً خُذْنـي وأرضِعني جديـدَ الوثوب
وأحفـرْ طريقاً ما رآه الـذي عن كُـلِّ مَدْعُـوٍّ وداعٍ يَنـوب
في القلبِ شيءٌ ما لـهُ سابقٌ وفيـهِ أخفى من نوايـا الغيـوب
فيه أمانٍ غيرُ كُـلّ ا لـمُنَى فيـه شُعُوبٌ غير هذي الشُّعُوب
لِمْ لاَ يذوب القلـبُ مما بـهِ كم ذابَ لكنْ فيـه ما لا يَذُوب
رَصَاصَـةٌ تُعْنَـى بإسكـاتِـهِ ما أسكتتْ ما فيـه حَتَّى الحُروب
يَهْتَـزُّ للنيـرانِ تَجْتاحـه مُـرَدِّداً : كُـلَّ كَـريمٍ طَـرُوب